تشويه المسافات

"تشويه المسافات"

  يقف جندي الاحتلال على بقعة يصادرها من الأرض و يسميها "هنا" فلا يبقى لي أنا، صاحبها المنفي في البلاد البعيد، إلا أن أسميها "هناك"

هناك حيث لا يكتفي الاحتلال بسلبك أرضك، فيتطاول ليمس أحلامك وحقوقك حتى البسيطة منها!

ابتداءً من حقّك في التعبير، وانتهاءً باختيار شريك حياتك!

يمن، شاب فلسطيني سلبه الاحتلال حق إكمال حياته مع "أنوار" الفتاة الأردنية التي اختارها شريكًة لحياته، بعد أن أوقف الاحتلال طلبات معاملة "لم الشمل" تمامًا منذ عام 2009، فتكدّست آلاف الطلبات وتقطّعت آلاف السبل.

أحلامٌ معلّقة* 

يحتكرالاحتلال السيطرة على السجل المدنيّ للفلسطينيّين، وبالتالي إصدار بطاقات تعريفيّة بهم، ومنح حَمَلة الجوازات الأجنبيّة منهم تأشيرات زيارةٍ لفلسطين. وبعد اندلاعِ الانتفاضة الثانية، تحديدًا مع نهاية  عام 2000، جمّد الاحتلال الإسرائيليّ المعاملاتِ المُطالبة بلم شمل الفلسطينيّين مع أفراد عائلاتهم المقيمين في الخارج، والتي تقدّر هيئة الشؤون المدنيّة عددها بـ40 ألف طلب.

أربعة آلاف منها لنساء أردنيات عالقات في الضفة، حيث اختاروا الذهاب بتأشيرة زيارة عادية والبقاء هناك بعد انتهاء مدتها ليطلق عليهن لقب "مخالفات"، لأنهن اخترن تكوين أسرهن الصغيرة في فلسطين رغم أنف الاحتلال.

إلا أن ثمن الشجاعة كان غاليًا، حيث لا يتمكّن المخالفين من التنقل بشكل طبيعي داخل الضفة، فهم معرضين للإيقاف على الحواجز والتسفير مع خطر عدم العودة أبدًا! 

وثِّقت حالات كثيرة لنساء أردنيات يعشن في فلسطين، ويتعرضن للابتزاز من قبل محامين إسرائيليين وعرب، يطالبونهن بمبالغ مالية مقابل الحصول على لمّ الشمل، وبعض النساء دفعن مبالغ كبيرة للحصول على الهوية، هذا يعني أن الفوضى قائمة حتى في واقع القانون المتعلق بالتصاريح ولم الشمل.

"حتى أحلامنا البسيطة ما سلمت منهم"

هكذا عبّرت أنوار عن غضبها، لأن التنازلات التي عليها أن تقدمها سعيًا لتحقيق ما تريده ثقيلة جدًا، لا تقتصر على سلبها حريتها في التنقل داخل الضفة، والانقطاع التام عن أهلها وبلدهافقط، بل في قلق وخوف دائم من التسفير ومنعها من الدخول وتشتيت أسرتها التي تحلم ببناءها.

الحق في الدخول*

قامت مجموعة من الأفراد والأسر التي تأثرت بسياسة المنع هذه بحملات تطالب بحقوقهم، منها "حملة الحق في الدخول"، والتي تهدف لدعوة المجتمع المحلي والدولي للعمل والاحتجاج ضد هذه السياسة الإسرائيلية القائمة على تفكك الأسر، والإلحاح على سفارات وقنصليات الدول ذات الرعايا المتضررين للاحتجاج رسمًا وحماة مواطنيهم.